تحليل إخباري
تحليل إخباري | مؤشرات استعمال شباط كأرنب سباق في انتخابات 2021
إحياء المخططات القديمة لتزوير الإرادة الشعبية

مع كل موعد انتخابي، والموعد هذه المرة هو انتخابات 2021، تطرح عدة أسئلة حول التقطيع الانتخابي و”الكوطا” والأحزاب المرشحة لتشكيل الحكومة، بالمقابل، تذهب فئة عريضة من المواطنين في اتجاه التساؤل عن مدى حضور الوجوه القديمة في هذه المحطة السياسية، وبما أن نفس الوجوه تؤدي إلى نفس النتائج، فقد كان من الطبيعي أن يطرح الإعلام المغربي سؤال: هل نحن في حاجة إلى شباط؟ وشباط المقصود هنا هو شباط حزب الاستقلال.
فكان الجواب: ((عملية عودة شباط سبقتها عملية تسوية الأرض أمامه، على الأقل داخل حزب الاستقلال، وإلا كيف يمكن أن نفهم انحناءة حمدي ولد الرشيد أمام شباط؟ على الرغم من ما بذله الأول خلال المؤتمر السابع عشر للحزب، من أجل إلحاق الهزيمة بالأمين العام لحزب الميزان، ليكون فريسة سهلة أمام نزار البركة، ذي الطباع الهادئة والبعيد دائما عن المواجهة السياسية..
إعداد : سعيد الريحاني
إن عودة شباط، سواء كانت فكرة من داخل حزب الاستقلال أو من خارجه، فهي تسائل الواقع السياسي في المغرب، وإذا كان الحزب في حاجة إلى حميد، لماذا تم التصويت ضده في مؤتمر عام، في عز وقوف شباط ضد التيار الجارف الذي جعل من مجرد تصريح تاريخي عادي عن موريتانيا صك اتهام لهدم واحد من كبار رموز الشعبوية السياسية في المغرب؟)) (المصدر: موقع هسبريس/ 7 يناير 2021).
هذا جواب الإعلام، لكن ما هو جواب حميد شباط، العمدة السابق لمدينة فاس والأمين العام السابق لحزب الاستقلال؟
الجواب جاء على لسانه بعد سنتين من الغياب، حيث ((أعلن البرلماني عن فريق الميزان، أن هدفه في استحقاقات 2021 هو إسقاط العمدة الحالي لمدينة فاس، إدريس الأزمي الإدريسي، صاحب العبارة الشهيرة “الديبشخي”))، وقال شباط: ((إن سبب مغادرته للمملكة بعد إسقاطه من على رأس حزب الاستقلال ونقابته، يعود إلى المرض، مبديا افتخاره بكونه شخصية مثيرة للجدل في المغرب)) (المصدر: هسبريس/ 13 فبراير 2021).
هكذا بكل بساطة، ورغم ما قيل عن منفاه الاختياري، ورفضه الحضور في جلسات البرلمان، على امتداد عامين، رتب شباط كل شيء ليقول، وكأن شيئا لم يقع: ((أسباب الغياب كثيرة ومتعددة، منها الأسباب الصحية التي جاءت بعد اشتغال كبير بالليل والنهار لسنوات، وهو ما أثر علي، مما دفعني إلى زيارة ألمانيا بداية وبعدها تركيا))، مشيرا إلى أن ((الهدف هو زيارة مختصين هناك للعودة إلى الوضع الصحي)).
لكي نصدق شباط، علينا أن نكذب كل ما قيل عن ملف قانوني لازال يطارده(..)، ولكن مع ذلك، لا يمكن الحديث عن شباط دون الحديث عنه في ارتباط بنتائج الانتخابات الجماعية والجهوية لسنة 2015، تلك السنة، عندما بدأ نجم العمدة الأكثر شعبية في فاس بالسقوط، وقتها شارك شباط في المؤامرة الأولى، والتي ارتبطت بالانتخابات الجماعية والجهوية، عندما اجتمع كل من إدريس لشكر وشباط ومصطفى الباكوري، باعتبارهم الأمناء العامين لأحزاب المعارضة، بالإضافة إلى إلياس العماري، المتحكم وقتها في حزب الأصالة والمعاصرة، حيث كان الباكوري يوصف بـ”الماريونيط” من طرف رئيس الحكومة السابق بن كيران.. في تلك الليلة (الجمعة)، كانت جل المؤشرات تؤكد أن “المكردع” الأول في الانتخابات هو شباط نفسه، لاسيما بعدما أطلق العنان لتصريحات اتهم من خلالها رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والعدل والحريات، بالقيام بمنع الآلاف من المنتمين لحزب الاستقلال من التصويت في مدينة فاس، فضلا عما سماه “التشطيب عن 6000 استقلالي”، قبل أن يضيف بأن الاستقلاليين انسحبوا من كل مكاتب التصويت في المدينة، لماذا؟ لأن ثلثي سكان فاس لم يصوتوا، حسب شباط.

في حزب الاستقلال، وبينما كان شباط في حي الرياض يمهد لتصعيد خطير (الطعن السياسي)، بخلاف إدريس لشكر، الذي كانت تتراوح تصريحاته بين الطعن القضائي والسياسي، كان توفيق احجيرة، الوزير السابق البشوش، يحاول زرع الأمل وسط “مأتم” شهده المقر العام، حضره عبد الله البقالي نقيب الصحافيين، ولم تكن هناك لا ياسمينة بادو ولا عبد القادر الكيحل ولا عادل بنحمزة الناطق الرسمي.. كل استقلالي كان منشغلا بجرته، بينما تفرغ شباط ليمارس التصعيد السياسي.. لمعرفة خطورة التصعيد الذي تزعمه لشكر وشباط وإلياس العماري، يكفي أن يعرف الجميع أن الطعن السياسي لا علاقة له بالانتخابات في شقها الإجرائي حيث تترك الكلمة للقضاء، بل إن الطعن هو صيغة أقرب إلى تهديد الدولة ونظامها، رغم أن أحد النشطاء في حزب العدالة والتنمية، قال لـ”الأسبوع” ليلتها: ((لا وجود لشيء اسمه الطعن السياسي.. إنهم مطعونون فقد بالنظر إلى النتائج التي سيحققونها)) (المصدر: الأسبوع/ 19 شتنبر 2015).
شباط إذن، تم استعماله في هذه المؤامرة، وهو في المعارضة، وكانت جهة ما قد أقنعته بمغادرة الحكومة، حيث لازال حزب الاستقلال يؤدي ثمن هذا الموقف إلى حدود اليوم ببقائه في المعارضة، حيث سبق لأمينه العام أن جر المجلس الوطني للحزب إلى اتخاذ قرار ((الانسحاب من حكومة رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بن كيران، وفق ما أفاد به عادل بنحمزة، أحد المسؤولين في الحزب والناطق الرسمي باسمه، ويفتح القرار الذي اتخذه حزب الاستقلال، الذي يتولى حقائب وزارية عدة، من بينها التربية والاقتصاد، الباب أمام انتخابات تشريعية مبكرة، أو مجرد تعديل وزاري في الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي)) حسب ما كتبته قصاصات الإعلام الدولي، وقد تزامن هذا التصرف مع وجود الملك محمد السادس خارج البلاد.. لولا أن المغرب دولة مؤسسات.
وليست هذه هي المرة الوحيدة، فكل تصرفات شباط ارتبطت بالمؤامرات، حيث يحكي هو نفسه، عما وصفه بـ”مؤامرة إسقاط حزب العدالة والتنمية” قائلا: “لقد ذهبت في اتجاه احترام الدستور، رغم أن بعض الإخوان، سامحهم الله، اقترحوا اللجوء إلى الحزب الثاني، وهو حزب الأصالة والمعاصرة، لرئاسة الحكومة بعد فشل بن كيران في الحصول على الأغلبية.. واتهم شباط جميع الأمناء العامين المشاركين في اللقاء، بالموافقة على هذا المقترح، باستثناء حزب الاستقلال، مؤكدا أن الهدف كان تقديم قراءة ثانية للفصل 47 من الدستور))، وزاد مستدركا: ((لكن موقفي كان واضحا، وهو أن يكون رئيس الحكومة من الحزب الأول، وإذا كان هناك توجه آخر، يجب تعديل الدستور)) (المصدر: هسبريس/ 14 فبراير 2021).
ولازال شباط يقدم نفسه إلى حدود اليوم كبديل لحزب العدالة والتنمية، رغم أن هذه الفكرة سببت في اندحاره في وقت سابق، حيث وصف حكومة “البيجيدي” الأولى والثانية بأنها أخطر من “كورونا”، إذ قال: ((كورونا ضربت المغرب منذ سنة 2012 مع رئاسة العدالة والتنمية للحكومة، إذ خلقت جوا من الاحتقان، عبر الزيادة في الأسعار والفقر ومحاكمة النشطاء والصحافيين، معتبرا أن حزب الاستقلال حكم على فشل الحكومة منذ انسحابه سنة 2013)) (نفس المصدر).
